وأعظم نافع في ذلك الِإنفاق، والمواساة فيما في اليد، والعفو والصفح
عن المسيء والِإذعان للحق، والخضوع للأمر، وإن صعب وشق، وذلك كله هو الداعي إليه هذا الكتاب الذي هو روح جسد هذا الدين، المعبر عما دعا إليه من محاسن الأعمال، وشريف الخلال بالصراط المستقيم.
وتسميتها بالشورى واضح المطابقة لذلك لما في آياتها، وكذلك بالأحرف
المقطعة فإنها جامعة للمخارج الثلاثة: الحلق، والشفة، واللسان، وكذا جمعها لصنفي المنقوطة والعاطلة، ووصفي المجهورة والمهموسة.
وكذا تسميتها ببعضها، بدلالة الجزء على الكل، على أن هذه الحروف
يجوز أن تكون إشارة إلى كلمات منتظمة من كلام عظيم، يشير إلى معنى هذا
الجمع، نحو أن يقال: حكمة محمد عَلَتْ وعمت، فشفت سقام القلوب.
ويجوز أن تعتبر مفردة، فتكون إشارة إلى أسرار تملأ الأقطار، وتشرح
الصدور والأفكار.
فإن نظرت إلى مخارجها، وجدتها قد حصل الابتداء فيها باد في وسط
الحلق إلى اللسان باسم الحاء، وثنى بأوسط حروف الشفة وهي الميم. وحصل الرجوع إلى وسط الحلق بأقصاه من اللسان في اسم العين، وهو جامع للحلق واللسان.
وقصد ثالثاً إلى اللسان بالسين، الذي هو مع كونه أوسط حروف
اسمه من أدق ما يخرج منه إلى الشفتين وهو رأسه، وله التصاق بالثنيتين
السفليين، واتصال بأعلى الفم، ففيه بهذا الاعتبار "حم" ثُمَّ حصل بعد هذا
الظهور بطون إلى أصل اللسان، وهو أقصاه من الشفة بالقاف.
ولاسم هذا الحرف جمع بالابتداء بأصل اللسان مع سقف الحلق.
والاختتام بأصل الشفة العليا، والثنيتين السفليين.
ففي هذه الحروف ثلاثة وهي أكثرها لها نظر، بما فيها الجمع إلى