مقصود السورة وقد اتسق الابتداء فيها بما كان من حرفين، جمعهما مخرج
بالأعلى تْم بالأدنى، إشارة إلى أنه يكون لأهل هذا الدين بعد الظهور بطون، كما كان في أول الِإسلام، حيث حصر النبي - ﷺ - وأقاربه في الشِّعب. وفي ذلك أيضاً إشارة إلى أنه من تحلية الظاهر ينتقل إلى تصفية الباطن: مَنْ زيَّن ظاهره بجميع الأعمال الصالحة، صحح الله باطنه بالمراقبة الخالصة الناصحة، على أن هذا التدلي بُشرى بأن الحال الثاني يكون أعلى من الأول، كما كان أعلى من الأول، كما كان عند الظهور من الشِّعب، بما حصل من نقض الصحيفة الظالمة، لأن الثاني من مراتب هذه الحروف أقوى صفة مما هو أعلى منه مخرجاً، فإن الحاء لها من الصفات: الهمس والرخاوة، والاستفال والانفتاح، والميم له من الصفات: الجهر والانفتاح، والاستفال، وبين الشدة والرخاوة.
والعين لها من الصفات ما للميم سواء.
والسين لها من الصفات: الهمس والرخاوة، والاستفال والانفتاح، والصفير. والقاف لها من الصفات: الجهر والشدة، والانفتاح والاستعلاء، والقلقلة. فالحرفان الأخيران لكل منهما خمس صفات، فتلك عشر كاملة، أغلبها قوة، هي بمنزلة ما بعد هجرة النبي - ﷺ -، فإنه عشر سنين، أغلبها نصر وفتح.
والحرف الأخير منهما كله قوة، بمنزلة الخمس الأخيرة من سني الهجرة
من سنة الحديبية التي هي أول الفتح، إلى سنة الوفاة، فإنها كلها فتح.
والحرف الأول من أصل حروف هذا الاسم، أكثر صفاته الضعف.
ويزيد بالِإمالة التي قرأ بها كثير من القراء.
والثاني والثالث، هما على السواء في القوة والضعف، وهما إلى القوة


الصفحة التالية
Icon