مقصودها
ومقصودها: التوحيد.
وذلك أن الفاتحة - وهي أم القرآن - لما كانت جامعة للدِّين إجمالاً جاء
ما به التفصيل، وهو القرآن، الذي هي أمه، محاذياً لذلك، فابتدأ بسورة
الكتاب، المحيط بأمر الدين، كما أن الفاتحة محيطة بأم القرآن، ثم بسورة
التوحيد، الذي هو سر حرف الحمد، أول حروف الفاتحة السبعة، لأن
التوحيد هو الأساس الذي لا يقوم بناء شيء من الدين بدونه، كما أن الفاتحة
أس القرآن.
وأيضاً: فلما ثبت بالبقرة أم الكتاب، في أنه هدى، وقامت به دعائم
الِإسلام الخمس، جاءت هذه لإِثبات أمر الدعوة الجامعة، في قوله تعالى:
(يا أيها الناس اعبدوا ربكم)، فأثبت الوحدانية له سبحانه بإبطال إلهية
غيره بإثبات أن عيسى عليه السلام - الذي كان يحيي الموتى - عبده، فغيره
بطريق الأولى.
وعلم أن الذي أقدره على إحياء الموتى، تارة بالنفخ، وتارة بغيره، هو
الذي أقدر أحاد بني إسرائيل - على عهد موسى عليه السلام - على إحياء
ذلك القتيل، بضربه بلحم تلك البقرة، التي أمرهم موسى عليه السلام
بذبحها وسميت بها السورة إشارة إلى ما تقدم من التطبيق بين اسمها
ومسماها.
فلما ثبت بهذا: أن الكل عبيده سبحانه، جاءت سورة النساء داعية إلى
إقبالهم إليه، واجتماعهم عليه.
والدليل على أن المقصود من هذه السورة، الدلالة على التوحيد:
تسميتها بآل عمران، فإنه لم يعرب عن هذا القصد في هذه السورة، ما