وجد مَنْ خالفه في القراءة فرفعه إلى النبي - ﷺ - فصوب كُلًا منهم - كما تقدم ذلك مستوفى في سورة النحل وفي الفضائل العامة عند ذكر السبعة الأحرف -
وسوس له الشيطان فيه وربما ظنه من وادي التحريف. فكأن الله تعالى
يقول له: لا تكن ممن يتبع سنن مَنْ قَبْلُ من أهل الكتاب، في فراق دينهم.
والاختلاف على نبيهم، وكن على بصيرة من أمر هذا الرسول الأمين والكتاب القيم المبين.
وقد تقدم في فضائل سورة النحل، أنها هي السورة التي وقع فيها
الخلاف بين أبي وصاحبه رضي الله عنهما.
وفي سورة النحل التي وقع التنازع فيها: أن الله تعالى يبعث رسوله - ﷺ - يوم القيامة شهيداً، وأنه نزَّل عليه الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة، وأنه نزله عليه روح القدس بالحق ليثبت الذين آمنوا، وأن اليهود اختلفوا على نبيهم في السبت فألزموا به.
فكانت سورة "لم يكن" على وجازتها حاوية لكل ما في النحل من ذلك
على طولها بزيادة فأمر - ﷺ - بقراءتها عليه، تذكيراً بذلك كله، على وجه أبلغ وأخصر، ليكون أسرع لما ذكرت تصوراً، فيكون أرسخ في النفس، وأثبت في القلب، وأعشق للطبع.
وفي ذلك من المنقبة لأبي رضي الله عنه، أن الله تبارك وتعالى اختصه
بالتثبيت، وأراد له الثبات، فهو من المريدين المرادين، لما وصل إليه قلبه
ببركة ضرب النبي - ﷺ - لصدره، من كشف الحجب، والنظر إلى سبحات القدس، وشهود تلك الحضرة الشماء وصيرورته إلى أن يكون أصفى الصحابة


الصفحة التالية
Icon