عن عبد الرحمن بن يزيد أيضاً عن عبد الله أنه كان يحك المعوذتين من المصحف، ويقول: إنما أمر النبي - ﷺ - أن يتعوذ بهما، وكان عبد الله لا يقرأ بهما.
قال البزار: لم يتابع عبد الله أحد من الصحابة، وقد صح عن النبي
- ﷺ - أنه قرأ بهما في الصلاة، وأُثبتنا في المصحف، انتهى.
وعندي: أن ظاهر هذه الأخبار غير مراد، وأن ابن مسعود رضي
الله عنه إنما كان ينكر كلمة "قل" فقط في أولهما، ويحكهما من الصحف من
المعوذتين، وأن قرءته كانت كذلك، وكان يستدل على صحة قراءته لهما التي أخذها عن النبي - ﷺ -، وسهو غيره في نقل قل، بأن النبي - ﷺ - أمر أن يتعوذ بهما، والمتعوذ لا يناسب أن يأمر من يتعوذ به بالقول.
وعلى ذلك ينطبق قول النبي - ﷺ - لما سئل: "قيل لي فقلت " أي كما قال لي الملك، لا أسقط شيئاً مما نطق به، لأنه كلام الله، ولو كان عبد الله رضي الله عنه ينكر جميع المعوذتين، لم يطابق قول أبي رضي الله عنه: " سألت رسول الله - ﷺ - فقال: قيل لي فقلت " قول من سأله، وكذا قول أبي ذر رضي الله عنه من سأله، والله الموفق.
والحاصل: أنه يلزم على نسبته رضي الله عنه، إلى أنه ينكر جميع
السورتين فسادان عظيمان.
أحدهما في حق أُبَيٍّ وأبي ذر رضي الله عنهما.
والثاني: في حق ابن مسعود رضي الله عنه، ولا يلزم على القول بأن
المنكر إنما هو كلمة "قل" شيء.
أما الأول، وهو ما في حق أبى وأبي ذر، رضي الله عنهما: فلأنه يلزم
أن يكون استدلا لهما غير مفيد لمطلوبهما، لأنه لا يلزم في كل ما قيل للنبي - ﷺ -