وأما الرابعة فهي قوله تعالى: ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾ [فاطر: ١٣]، فالتنسيق القرآني في التصوير المعجز لهذه الآية على نحو ما جاء في الآية السابقة، فتقدمت الشمس لتقدم تصوير النهار، وتأخر القمر لتأخر تصوير الليل في تلاؤم وتوازن وإتساق: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ [الشعراء: ١٩٢، ١٩٣].
وأما الخامسة فهي قوله تعالى: ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ، يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [الحديد: ٥، ٦]، معنى الإيلاج هو أن يحل مكان الليل في مكان النهار فيصير ليلًا على وجه الأرض غير المقابل للشمس، وأن يحل مكان النهار في مكان الليل فيصير نهارًا على وجه الأرض المقابل للشمس، وذلك على سبيل الحركة والتبادل بين الليل والنهار، والتعاقب فيهما في تغيير وتجدد واستمرار، وهو ما يدل عليه الفعلان المضارعان "يولج" ويؤدي ذلك إلى نتيجتين، النتيجة الأولى، كروية الأرض فليست سطحًا واحدًا بل لها وجهان متكوران، يتعاقب عليها الليل والنهار على سبيل التبادل والتغيير، والنتيجة الثانية: هي حركة الأرض حول محورها مقابل الشمس، لأن التبادل والتعاقب لحلول الليل مكان النهار والعكس يدل على الحركة المغزلية.
تصوير الليل والنهار في آيات القسم:
عظائم الأمور، وجلائل النعم تنال من العناية والتقدير منزلة عالية