تسمو إلى درجة القسم بها، فإذا ما أقسم الخالق -سبحانه وتعالى- بها أزدادت منزلة ورفعة، للدلالة على عظم خلقها، وعميم نفعها وفضلها، لهذا أقسم الله -عز وجل- بالليل والنهار في القرآن الكريم أربع مرات في هذا البحث.
قال تعالى: ﴿كَلَّا وَالْقَمَرِ، وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ، وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ﴾ [المدثر: ٣٢-٣٤]، تقدم الليل على الصبح والنهار، لتجاوره مع القمر، الذي تصدر به القسم، والقمر كوكب ليلي يظهر في الظلام أكثر منه في النهار.
وقال تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ، الْجَوَارِ الْكُنَّسِ، وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ، وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ، إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾ [التكوير: ١٥-٢١]، تقديم تصوير الليل على الصبح لتجاوره مع النجوم الخنس والجواري السيارة السبعة، وهذه كلها تخنس أي: "تغيب" وتكنس أي: "تختفي" في النهار، وتظهر في الظلام والليل، فهي كواكب ليلية، تتلاءم مع الليل في تجاورها له.
وقال تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ، وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ، وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ، لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾ [الانشقاق: ١٦-١٩]، وهنا تقدم الشفق على الليل، لأنه أول الليل حيث يظهر بعد الغروب وقبيل العشاء، ثم كان القسم الثالث بالقمر؛ لأنه يبدو أكثر ظهورًا وتألقًا بالليل منه في وقت الشفق، وقال تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ [الليل: ١، ٢].