تصوير الليل والنهار مع التقدير:
قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: ٢٠].
تصوير الليل والنهار مع التكوير:
قال تعالى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾ [الزمر: ٥]، والتصوير القرآني لتكوير الليل على النهار، وتكوير النهار على الليل، يدل على استدارة الأرض وكرويتها، وأنها تتحرك حول محورها؛ لأن معنى التكوير اللف والنشر في استدارة لا تسطيحًا، كما قال: كار الرجل العمامة على رأسه أي لفها في استدارة، ونشرها حول رأسه، ومعنى التكوير أن الله سبحانه وتعالى يلف الأرض الكروية حول محورها أمام الشمس، التي تنير نصفها المواجه لها نهارًا، ويكون النصف الآخر غير المواجه لها ليلًا، وبذلك يتكور الليل والنهار فيحدثان في وقت واحد مصداقًا لقوله تعالى: ﴿أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا﴾، ومعنى "أو" الإباحة، أي أنهما موجودان حول الأرض في وقت واحد، لذلك جاء لفظ التكوير مرتين بصيغة الفعل المضارع الذي يدل على التتابع في جهتين مختلفتين والاستمرار والتجدد كل يوم.
إنه التصوير القرآني المعجز لليل والنهار، أنزله البديع الحق بالحق، لأنه الحقيقة والحق، حينما يدركه الذين أوتوا العلم فليؤمنوا به يخرون