والتعاون والنصرة للمظلوم وللحق، وإلى الإنصاف والعدل والجود والكرم والعزة والإباء والقوة والبناء.
إن صيغة الصيام لا الصوم ثرية بالمعاني والمضامين، تتسع للجوانب الرحبة في التشريع الإسلامي لهذه الفريضة، وتستوعب كل ما تهدف إليه من غايات شريفة وأهداف سامية، تلتقي جميعًا في أساسين كبيرين: وهما البناء الجسدي السوي الصحيح، والبناء الأخلاقي الفاضل القويم، وسنقف معهما بإيجاز:
البناء الجسدي:
فلا يستطيع المؤمن أن يداوم على طاعة الله تعالى ويتزوَّد منها إلا إذا كان صحيح البدن، سويّ الخلقة، قوي البنية، ولا يتم ذلك بكثرة الطعام وبالإسراف في المأكل والمشرب، بل وحسب المؤمن لقيمات يقمن ظهره، فنحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع، ولما كان الإنسان لا يستطيع ضبط نفسه من شدة الإقبال على الطعام والإفراط فيه، شرع الله تعالى رحمة بعباده فريضة الصيام شهرًا في كل عام، يرد إلى الجسم توازنه وقواه وسلامته ونشاطه؛ فالمؤمن القوي في عقله وبدنه وكيانه ودينه خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، لقد كانت حكمة الله اللطيف الخبير أن يفرض على المؤمنين فريضة الصيام قبل معركة بدر الكبرى، وهي المعركة الفاصلة بين الكفر والإيمان في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة؛ ليُعِدَّ الله -عز وجل- من المؤمنين جندًا قويًّا في بدنه، وفي إيمانه، فقد صاموا أكثر من نصف شهر رمضان قبل دخولهم المعركة، فكان الصحابي منهم بعشرة من الكفار، لأن الصيام نقى جسدهم من الأمراض، وخلَّص جوفهم من كل داء، فالمعدة بيت