ولهذا أصبح الأزهر الشريف أعظم جامعة وأقدمها في العالم قاطبة، لتخريجه علماء أجلاء ينشرون الإسلام وعلومه في بقاع العالم، لأنهم كانوا يحفظون القرآن الكريم في مراحل الطفولة المبكرة، ويتأدبون بأدبه السامي وبلاغته المعجزة، وكذلك الحديث الشريف.
ومما يضطر الأطفال إلى تأديبهم بأدب القرآن والسنة الشريفة أن الإسلام أوجب على الوالدين أن يرعى أولاده الأطفال منذ سبع سنين على سبيل الوجوب والإلزام بتعليمهم الصلاة، وأن يُعينهم على أدائها، وأن يضربهم عليها إذا ما بلغوا عشر سنين وانصرفوا عنها، قال تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾ [طه: ١٣٢]، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أبو داود، وعن أبي ثرية سبرة بن معبد الجهني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "علّموا الصبي الصلاة لسبع سنين، واضربوه عليها ابن عشر سنين" رواه أبو داود والترمذي، وفي حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة -رضي الله عنه: "يا أبا هريرة، مر أهلك بالصلاة فإن الله يأتيك بالرزق من حيث لا تحتسب"، لأن اعتياد الصلاة وتكرارها في اليوم خمس مرات تؤدّبهم بما تهدف إليه عن طريق حفظ فاتحة الكتاب وترديدها، وحفظ كثير من السور القرآنية وبعض الآيات التي تعقب الفاتحة في الصلاة، وعن طريق سماع القرآن الكريم من الإمام في الصلاة الجهرية، وعن طريق سماع الخطبة في صلاة الجمعة، وهي فنّ أدبي من فنون النثر الفني، وما