رفيع المستوى ومثل أعلى في البلاغة البشرية يسير على نهجه أدب الأطفال سواء من إبداعاتهم أو إبداع الأدباء لهم؛ لأن هذه الوصية تميَّزت بقيم كثيرة في أدب الأطفال، ومن أهمها:
١- مجالسة الأطفال للكبار، ليحرصوا على التعلم منهم، ويستنيروا بمعارفهم، ويقتدون بهم في سلوكهم، فقد لازم ابن عباس خير البشر، وسار خلفه تأدبًا وتقديرًا، وتوقيرًا لمكانة الأستاذ الأول والمعلم الأكبر -صلى الله عليه وسلم.
٢- تلقي ابن عباس -رضي الله عنه- الوصية من رسول الله -صلى الله عليه وسلم؛ ليعمل بها هو وأمثاله من الغلمان والشباب، لأن العبرة بعموم اللفظ والوصية لا بخصوص السبب.
٣- تخصيص ابن عباس -رضي الله عنه- بهذه الوصية من بين الغلمان فيه دلالة على نجابته، ورجاحة عقله، فقد صدقت نبوءة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في خصوصيته؛ فصار حبر الأمة ورائد التأويل والتفسير لكتاب الله -عز وجل-، يتميز برجاحة العقل في الحوار، وقوة الحجة، ونصاعة الرأي.
٤- تعبير الرسول -صلى الله عليه وسلم- في افتتاح الوصية بقوله: "يا غلام" وفي رواية: "يا غلامي" يوحي بحرارة العطف وعميق الحب والحنان، كما يشير إلى قرب منزلته وشدَّة حرصه عليه، مما يعين على فتح منافذ الإدراك الكثيرة في النفس من عاطفة ووجدان ومشاعر وخواطر وأحاسيس، فيكون أكثر إقبالًا على الوصية وأعظم قبولًا لها.
٥- يتميز أسلوب الرسول -صلى الله عليه وسلم- هنا بالرقة، وتصويره الأدبي بالقرب والتيسير، حيث يقول: "إني أعلمك كلمات" أي: يسيرات


الصفحة التالية
Icon