يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [الأنعام: ١١٦-١١٧]، ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى﴾ [النجم: ٢٣]، وسلوك الإسلام في تهذيب الإنسان ينساب من قيم سامية شرعها مبدع الفطرة الإنسانية ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم: ٣٠]، فلن يشب النشء قويًّا في تكوينه وجسده وعقيدته وخلقه وفكره ووجدانه إلا إذا سلك منهج الإسلام في التربية؛ ليكون خير وأحب إلى الله، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف"، وتميز الإسلام بتمامه وشموله، ليتلاءم مع العقل البشري، والنشاط الإنساني الحضاري في كل بيئة وعصر، مهما بلغت البشرية من الكمال في العقل والفكر، واتزان العاطفة والوجدان، وتلازم الروحية والمادية على السواء، قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، والقرآن الكريم هو الذي احتوى منهج الإسلام وتعاليم الشريعة، واشتمل على مكارم الأخلاق السامية، كما وصفت ذلك بدقة وشمول أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فقالت عن القرآن الكريم، وعن النبي -صلى الله عليه وسلم: "كان خلق النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن الكريم"، لهذا لا تجد شريعة اهتمَّت ببناء النشء بناء كاملًا مثل شريعة الإسلام، ولا تجد دينًا اعتنى بتكوينه تكوينًا صحيحًا مثل دين الإسلام، ولا تجد حضارة عملت على تهذيبه تهذيبًا أخلاقيًّا ساميًّا مثل حضارة الإسلام، وذلك من خلال مجتمعه الصغير "الأسرة"، ومن خلال مجتمعه