على أكمل وجه، وأجمل صورة، قال تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: ٤]، وقال أيضًا: ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: ١٤].
مرحلة العدم أثناء الخطبة الزوجية:
لكي يحافظ الإسلام على النشء وهو في مرحلة العدم قويًّا صالحًا، اعتنى به عناية كاملة، فأعطى للزوجين أثناء الخطبة حق الاختيار، بأن يرضى كل منهما عن الآخر، وليس هذا الاختيار والرضا لذات الزوجين فحسب، بل لمراعاة نتاجهما من الأولاد الأصحَّاء الأقوياء الصالحين، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "تخيَّروا لنطفكم فإن العرق دسَّاس"، فالزوجان اللذان يرجعان إلى أصل طيب ونسب طاهر، وخلق فاضل، يكون نتاجهما كذلك، يشرب من نفس النبع الصافي، وتترقرق في نفسه الأصالة العريقة، وإن كان غير ذلك فتكون الكارثة، قال تعالى: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ﴾ [النور: ٢٦]، وقال تعالى: ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ﴾ [الأعراف: ٥٨]، لذلك كان أساس الاختيار في الإسلام هو الدين والخلق فيما روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"؛ لأن ذات الدين تخشى الله تعالى، وتعرف حدود شريعته، والواجبات التي ينبغي أن تؤديها، ثم بعد الدين تكون المفاضلة في الصفات الأخرى من باب الأفضل والأولى، فإن تحقَّقت فيها