اجتماعية يتعامل بها مع الناس، فالدين المعاملة، لهذا كان المقصود من العبادات والغاية منها هي تربية الأخلاق في النفس وتنميتها لكي يحسن المعاملات والعقود التي تجري مع الناس تبعًا لسنة الحياة وناموس الطبيعة الإنسانية الاجتماعية، وهذا يقتضي أن تقف على الأخلاق التي تغرسها العبادات في النفس البشرية.
وأما الأخلاق الاجتماعية التي تنمِّيها الصلاة في النفس فهي المساواة، والشكر، والخوف والمراقبة المستمرة، والمواظبة على العمل؛ فالمساواة في الصلاة بين الناس مهما اختلفت أجناسهم وتباينت منازلهم، وتنوعت ألوانهم؛ فالجميع يقف أمام الله في صف واحد تنتفي فيه فوارق الثراء، وتمايز الدم، وتذوب الألوان، فيشعر الفرد بأنه من الجماعة وللجماعة، وتتوثق الروابط الأخوية، التي تعين على التعاون في مجالات الحياة المختلفة، وفي مجال المعاملات الاقتصادية، التي هي في أشدِّ الحاجة إليها، وهي الشعور بالمساواة والإخاء.
والصلاة في ذاتها إنما هي عمل خالص في الشكر والثناء على الله عز وجل، فالله -سبحانه وتعالى- أسبغ على الإنسان نعمًا ظاهرة وباطنة، كالعقل والبصر والسمع واللسان وسائر الجوارح، ويسَّر له كل أسباب النعم والحياة، وهذه النعم تقتضي من الإنسان أن يشكر ربه شكرًا عمليًّا لا باللسان فقط؛ لذلك كانت أعمال الصلاة قد اشتركت فيها جميع الجوارح من الخضوع والخشوع، لتؤدي بذلك الشكر العملي لله عز وجل، وبالمتابعة في الصلاة والمواظبة عليها، تنمو في النفس غريزة الشكر، التي سيكون لها دور كبير في العقود والمعاملات، فيتعامل الإنسان مع الناس بالشكر والتقدير، لتيسير الخدمات وتحضيرها، وتقوم المعاملات