آدابكم"، واشتهرت في هذا العصر طبقة المعلمين، الذين كانوا يؤدِّبون أبناء الخلفاء والأمراء والولاة بالأخبار واللغة ورواية الشعر والخطب والقصص الأدبي والوصايا الأدبية والأمثال العربية، وأطلق عليهم آنذاك لقب: "المؤدبين" و"الأدباء"، قال عبد الحميد الكاتب، الذي اشتهر بأدب الكتابة: "بدئت الكتابة بعبد الحميد، وخُتمت بابن العميد"، قال في رسالة الكاتب: "فتنافسوا يا معشر الكتاب في صنوف الآداب"، ومن هنا نشأت حرفة "الأدب"، وقال الخليل بن أحمد عن الأدباء: "لأنهم كانوا يتكسبون بالتعليم"١.
وفي العصر العباسي اهتمَّ العلماء والرواة بالكتاب؛ فتنوعت الدراسات عندهم، فكانت تشمل: النحو والصرف وعلوم اللغة والاشتقاق والبلاغة والعروض والقافية وعلم الأخبار والأنساب وتاريخ الأمم، فكان يطلق عليهم وعلى الشعراء لتكسُّبهم بالأدب: "الأدباء"، قال الجواليقي في شرح أدب الكتاب: "اصطلح الناس بعد الإسلام بمدة طويلة على أن يسموا العالم بالنحو والشعر وعلوم العرب: "أديبًا"، ويسموا هذه العلوم "الأدب"، وذلك كلام مولد؛ لأن هذه العلوم حدثت في الإسلام"٢.
وأصبحت كلمة "الأدب" تطلق على الموسوعات في سائر العلوم شعرًا ونثرًا ولغة وبلاغة وتاريخًا ونحوًا وصرفًا، وغيرها كـ"البيان والتبيين" للجاحظ "م ٢٥٥هـ"، و "الكامل" للمبرد "٢٨٥ هـ"، و"العقد الفريد" لابن عبد ربه الأندلسي "م ٣٢٨هـ"، و "الأمالي"

١ ثمار القلوب: للعثالبي ص٥٢٩.
٢ شرح أدب الكاتب: الجواليقي ص١٤.


الصفحة التالية
Icon