وعلى ذلك فليس القرآن شعرًا، ولا سجعًا، ولا نثرًا فنيًّا، ولا غير ذلك من كلام البشر، وليس نصًّا أدبيًّا، كما يطلق عليه بعض النقاد في دراساتهم، وما دام كذلك فلا يصح مطلقًا أن يخضع لمصطلحات النقد الأدبي، التي نقيس بها جودة الأدب العربي والإسلامي ورداءته، لنحكم على آداب البشر بالجودة والرداءة، لأن الأدب القرآني بلغ في سموه إلى حد الإعجاز، مما تتعطل معه مقاييس البشر ومصطلحاته النقدية في ميزان الأدب؛ ليقفوا على عناصر الجمال وأسبابه ومسبباته، ويتذوقوا مواطن الحلاوة، ويشعروا بها، لأن الجلال -لا الجمال ولا الحلاوة- في الأدب القرآني لا يحتاج إلى مقاييس الناقد الأدبي ومصطلحاته للوقوف على الإعجاز في التصوير القرآني، وهذا يحتاج إلى توضيح لقضية الجمال والحلاوة والجلال.
الجلال والحلاوة والجمال
قضية الجمال:
اهتم النقاد قديمًا وحديثًا بقضية الجمال الأدبي في الشعر والنثر الفني في جميع فنونهما وأقسامهما المتنوعة، التي تضع النص الأدبي في منزلة من الجودة والرداءة حسب درجة الجمال وتوافر شروطه ومقوماته وأسبابه وعناصره، وغير ذلك من الوسائل الفنية المحسة، التي يكاد يجمع عليها النقاد وعلماء البلاغة واللغة والعروض، واتفاقهم جميعًا على مبادئ وقواعد ومسلمات وافقت العقل والذوق الأدبي معًا؛ فالنص الأدبي الجيد والجميل، لابدَّ أن يشتمل على مسلمات اتفق عليها النقاد، فأصبحت أصول النقد وقواعده في اللغة والأسلوب؛ فيكون فصيحًا بليغًا، صحيحًا في اشتقاقه وإعرابه ومصادره، ومتفقًا مع موازين