العرب في النقد الأدبي القديم، وهو صاحب الوساطة القاضي عليبن عبد العزيز الجرجاني، وإن اشترك معه غيره في قضية الحلاوة كالآمدي، وعبد القاهر، وابن خلدون، وغيرهم.
يقول القاضي الجرجاني: "وأنت قد ترى الصورة تستكمل شرائط الحسن، وتستوفي أوصاف الكمال، وتقف بالتمام بكل طريق، ثم تجد أخرى دونها في انتظام المحاسن، والتئام الخلقة وتناسب الأجزاء، وتقابل الأقسام، وهي أحظى بـ "الحلاوة"، وأدنى إلى القبول، وأعلق بالنفس، وأسرع ممازجة للقلب، ثم لا تعلم -وإن قايست واعتبرت ونظرت وفكرت -لهذه المزية سببًا، ولما خصت به مقتضيًا، ولو قيل لك كيف صارت هذه الصورة وهي مقصرة عن الأولى في الإحكام والصنعة، وفي الترتيب والصبغة، وفيما يجتمع أوصاف الكمال، وينتظم أسباب الاختيار، أحلى وأرشق وأحظى وأوقع، لأقمت السائل مقام المتعنِّت المتجانف، ورددت المستبهم الجاهل، ولكن أقصى ما في وسعك، وغاية ما عندك، أن تقول موقعه في القلب ألطف، وهو بالطبع أليق، كذلك الكلام منثوره ومنظومه، ومجمله ومفصله، تجد منه المحكم الوثيق، والجزل القوي، والمصنع المحكك، والمنطق الموشح، قد هذب كل التهذيب، وثقف غاية التثقيف، وجهد فيه الفكر، وأتعب لأجله الخاطر، حتى أضحى ببراءته عن المعايب، واحتجز بصحته عن المطاعن، ثم تجتد لفؤادك عنه نبوة، وترى بينه وبين ضميرك فجوة"١.
ثم يضرب صورة للجميل المثقل بالبديع من البيان، والمكتظ بشتَّى فنون البديع، وصور أدبية أخرى لما هو دون ذلك، مجردة من هذه