وعناصرها الفنية مقاييس النقد وقواعده ومصطلحاته النقدية، التي يتعاون فيها الذوق الأدبي مع مقاييس النقد، وحين يجد الناقد النص الأدبي غير غني بمقوماته الجمالية؛ لأنه اشتمل على عناصر جمالية يخفى عليه معظمها أو كلها، أو هي عناصر كثيرة خفية يهتزُّ لها الذوق الأدبي، ولا يستطيع أن يقف على جميع أسبابها ومسبباتها، فلا يملك إلا أن يحكم على جميع أسبابها ومسبباتها، ولا يملك إلا أن يحكم على النصّ الأدبي بالحلاوة، وهي صفة تسمو في الحكم عليه بالجمال وحدَّه؛ لأن النقاد تعاملوا مع النصَّ الأدبي للشاعر والأديب لإثبات جماله، وحلاوته بالمصطلحات النقدية التي أجمع عليها النقاد في جميع العصور، وهذا أمر متعارف عليه ومقبول في أحكامهم النقدية، بل لا بد منه في أدب البشر ونقده، وخاصة في المحيط الإنساني والبشري؛ لأن النص الأدبي صادر عن الإنسان وعن البشر، والتعامل معه أمر مألوف ومتعارف عليه بالتحليل والنقد وتطبيق المصطلحات النقدية، التي يستخدمها الناقد الأدبي، وهو أيضًا -كالمبدع- من الأناسي والبشر، وهو مقياس معروف ومألوف في أعراف البشر ومحيطه الإنساني.
لكن الأمر مختلف تمامًا مع كلام الله -عز وجل- وكتابه المقدس القرآن الكريم، فلا مجال هنا للمقارنة والموازنة إطلاقًا، فالنص الأدبي صادر عن الإنسان المخلوق، والقرآن الكريم أبدعه الخالق، خالق الإنسان والكون كله، ما نعلمه وما لا نعلمه، فقد أقسم الله -عز وجل- بالقرآن الكريم في أول سورة فصلت، فقال تعالى: ﴿حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [فصلت: ١-٣]، وهو كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه


الصفحة التالية
Icon