ولا من خلقه، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ، لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ، مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ، وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [فصلت: ٤١-٤٤]، وأقسم سبحانه وتعالى في أول سورة الزخرف، فقال تعالى: ﴿حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الزخرف: ١-٣].
ولما كانت هذه القضية مختلفة تمامًا؛ فإنه يلزم بالضورة بلا جدال ولا مناقشة على سبيل الحتم والوجوب، أن نتعامل مع كتاب الله -عز وجل، وقرآنه العزيز المحكم بما يتفق مع قداسته وربانيته، لأنه عزَّ على البشر والجن أن يأتوا بمثله، مبهورين بإعجازه وبلاغته، بل عجزوا على أن يأتوا بآية واحدة، قال تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء: ٨٨].
لذلك ينبغي إذا ما أردنا أن نعبر عن انبهارنا بآية، وعن إعجابنا بها، فلا يصح أن نكتفي بما نتعامل به مع النص الأدبي للبشر، فنحكم عليه بالجمال فقط لوضوح أسبابه وعناصره الجمالية المألوفة، ولا بالحلاوة فقط، التي جمعت بين أسباب الجمال وانبهار الذوق الأدبي، بل يجب أن يكون التعامل مع القرآن الكريم بأسمى من كل ذلك، وهو أن نصفه