وعناصره كثيرة ومتنوعة، فلا تقتصر على الخيال بصوره المختلفة في أبواب "علم البيان"؛ كالتشبيه، والمجاز، والاستعارة التصريحية والمكنية، والكناية، مما يدخل في مفهوم الصورة الأدبية ومقوماتها عند معظم النقاد في العصر القديم والعصر الحديث، ولا تقتصر على روافد الصورة المستمدة من أبواب "علم المعاني" كالتقديم والتأخير والحذف والذكر والتعريف والتنكير والقصر والالتفات وغيرها، كالشأن في مفهوم الصورة الأدبية عند النقاد في النقد القديم، وخاصة عند عبد القاهر الجرجاني، ولا تقتصر على الروافد المستمدة من الإيقاع والموسيقى الداخلية والخارجية والنسق، كالشأن في مفهوم الموسيقى في النقد القديم والحديث معًا، بل روافد التصوير القرآني تعتمد عليها وعلى غيرها، فهي أعظم من ذلك وأكثر من ذلك مما نعلمه وما لا نعلمه، والله -جل جلاله- وحده يعلمه، كالإعجاز في تصوير الحقائق العلمية والقيم التشريعية والقيم الخلقية وغيرها مما سنوضحه في الفصول اللاحقة إن شاء الله تعالى، بل التصوير القرآني أجل من ذلك حينما تقشعر القلوب من جلاله، فيغمر العاطفة والوجدان والشعور والعقل بالجلال والرهبة والرغبة والهيبة والخوف، كما وضحنا ذلك في الفرق بين الجمال والحلاوة والجلال، حينذاك يقف الإنسان عاجزًا عن معرفة مصادره المحسوسة، لكن يعدها واحدة بعد الأخرى، فيضطر أن يعترف بالجلال الذي امتلأ به قلبه ووجدانه، وامتلك عليه عقله وعوارفه، قال تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ [الزمر: ٢٣]،