يتناوم النائم، فيغمض عينيه وهو مستيقظ يسمع من حوله كنوم الذئاب والثعالب، وقد ينام حقًّا وهو مفتوح العينين كما عند بعض الناس في العادة، لكن الضرب على السمع هو المقياس الحقيقي للنوم، يجعل النائم لا يسمع أحدًا مطلقًا، فالنوم الحقيقي يكون بالضرب على المسموعات لا على المرئيات، فكانت هذه الصورة القرآنية مبهرة للعقول، وأكثر إثارة للعواطف القوية، وإحياء للمشاعر الصادقة، وتعميرًا للوجدان المتدفق.
أما كلمة "سنين" تدل على كثرتها، حتى بلغت أكثر من ثلاثمائة سنة، لا "سنوات" التي تدل على ثلاث فأكثر قليلًا، إنه الإعجاز في التصوير القرآني الخالد.
الكهف إبداع بياني وجغرافي:
قال تعالى: ﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾ [الكهف: ١٧]، هذه الآية الكريمة تصور موقع الكهف على سطح الأرض، وتحدد اتجاه بابه الذي لم يقتصر على الجهات الأربع، وهي الشمال والجنوب والشرق والغرب، بل يضيف أربعة أخرى، وهي الشمال الشرقي والغربي والجنوب الشرقي والغربي، ويظهر ذلك من خلال التصوير القرآني بالحروف والكلمات، وبالصور المتنوعة.
أما دلالة ذلك على موقع الكهف من سطح الأرض فهو الإعجاز لأنه أكثر دقة من حقائق التاريخ، ومن لوحة فنية تبدعها ريشة الفنان


الصفحة التالية
Icon