النار:
كان الإنسان يحتفظ بجذوة مما تحدثه الطبيعة من نار، يجعلها متقدة دائمًا ومتجدة بما يضيف إليها من حطب، وكان دائمًا حريصًا على ألا تخبو تلك النار، وإلا فلن يستطيع استحداث نار أخرى، ومع المحاولة الدائبة استطاع الإنسان الحصول على النار وقت أن يريد.
كان ترويض الإنسان القديم للنار وتمكنه من إيقادها، حدثًا حضاريًّا هامًّا جدًّا للبشرية، فالنار مصدر هام للضوء، يُلجأ إليه في حلكة الليل أو في حلكة الكهوف، والنار مصدر للدفء، بطريق مباشر أو غير مباشر، والنار تطهي الطعام وتجعله مستساغًا قابلًا للهضم، والنار تقي الإنسان من عدوان الكواسر، ووسيلة من وسائل الصيد، كما أنها وسيلة من وسائل العدوان، وفي مراحل متقدمة من الحضارة البشرية تعلم الإنسان أن الطوب المحروق أكثر متانة من الطوب غير المحروق، وحينما عرفت البشرية كيفية استخلاص الفلزات كالنحاس، والحديد من خاماتها ومعادنها، كان ذلك بترويض النار وإزكائها.
في قصة موسى عليه السلام حينما رأى نارًا، وكان المكان سيناء، روى القرآن الحكيم أن هذا النبي قصد النار ليأتي بجذوة منه ليستدفئ هو وأهله، وقد يعني هذا أنه لم تكن لديه جذوة من نار ولم تكن لديه وسيلة لإيقاد نار، وكان هدف النبي أيضًا من الذهاب إلى مصدر النار أن يجد من يهديه إلى الطريق.
﴿سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ [النمل: ٧].
في المراحل الأولى للحضارة البشرية، تمكن الإنسان من إيقاد النار بإحداث احتكاك شديد، وسريع بين عودين من الحطب الجاف، وكان العرب في جاهليتها