قالت عائشة رضي الله عنها: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم سأل زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلّم: ما علمت أو ما رأيت؟ فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلّا خيرا.
قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم فعصمها الله سبحانه وتعالى بالورع، وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها فهلكت فيمن هلك.
قال الزهري: فهذا ما انتهى إلينا من هؤلاء الرهط.
وأخبرنا أبو نعيم قال: أخبرنا أبو عوانة قال: حدّثنا محمد بن إسماعيل الصائغ بمكة ومحمد بن حرب المديني بالفسطاط قالا: حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدّثني أبي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، قال أبو أويس: وحدّثني أيضا عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلّم إذا أراد أن يسافر سفرا أقرع بين أزواجه فأيّتهنّ خرج سهمها خرج بها معه، فخرج سهم عائشة في غزوة النبي صلى الله عليه وسلّم بني المصطلق من خزاعة، وذكر الحديث بطوله بمثل معناه.
وقال عروة في سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلّم بريرة عن عائشة قال: فانتهرها بعض أصحابه وقال:
اصدقي رسول الله، قال عروة: فعيب ذلك على من قاله، فقالت: لا والله ما أعلم عليها إلّا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر، ولئن كانت صنعت ما قال الناس ليخبرنّك الله، فعجب الناس من فقهها.
قال: وبلغ ذلك الذي قيل له فقال: سبحان الله، والله ما كشفت كتف أنثى قط، فقتل شهيدا في سبيل الله، وزاد في آخره قالت: وقعد صفوان بن المعطل لحسّان بن ثابت فضربه ضربة بالسيف وقال حين ضربه:
تلقّ ذباب السيف عنّي فإنّني | غلام إذا هوجيت لست بشاعر «١» |
ولكنني أحمي حماي وانتقم | من الباهت الرامي البراء الظواهر «٢» |
قال أبو بكر الصدّيق رضى الله عنه لمسطح في رميه عائشة رضى الله عنها وكان يدعى عوفا:
(٢) تاريخ مدينة دمشق: ٤/ ٣٠٨. والعبارة: واتقي.