وأما اختلاف الليل والنهار فلتعاقبهما. وتعاقبهما على سنن واحد يدل على أول لاستحالة حوادث لا أول لها..
ودل اتساق هذه الأفعال وحركات الفلك على أن لها صانعا عالما قادرا يدبرها ويديرها.
ودلالة الفلك من جهة أن الجسم السيال كيف يحمل الثقل العظيم وكيف صار الفلك على عظمه وثقل ما فيه مسخرا للرياح وذلك يقتضي مسخرا يسخر الفلك والماء والرياح.
والماء المنزل من السماء فيه دليل من جهة أن الماء شابه السيلان فارتفاعه عجب ثم إمساكه في السحاب غير سائل منه حتى ينقله إلى الموضع الذي يريده بالسحاب المسخرة لنقله فيه فجعل السحاب مركبا للماء والرياح مركبا للسحاب حتى يسوقه من موضع إلى موضع ليعم نفعه سائر خلقه كما قال الله تعالى:
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) «١». ثم أنزل ذلك الماء قطرة قطرة لا تلتقي واحد مع صاحبتها في الجو مع تحويل الرياح لها حتى تنزل كل قطرة على حيالها إلى موضعها من الأرض فلولا أن مدبرا دبره على هذا الوجه كيف كان يجوز أن ينزل الماء من السحاب مع كثرته وهو الذي تسيل منه السيول العظام على هذا الترتيب والنظام فلو اجتمع القطر وائتلف في الجو لقد كان يكون نزولها مثل السيول المجتمعة منها عند نزولها إلى الأرض فيؤدي ذلك إلى هلاك الحرث والنسل.
واعلم أن من عرف حدوث العالم لأمر مرّ يعلم أن فعل الله تعالى