من قبلنا فلا يلزمنا ذلك إلا ببيان من شرعنا جديد، مع أن العموم ليس يسقط ببعض ما ذكروه بالكلية، إلا أنه يضعف..
وروى البيلماني ومحمد بن المنكدر عن النبي عليه السلام أنه أفاد مسلما بكافر، وقال: «أنا آخر من وفى بذمته» «١»، وهما مرسلان لم يلقيا رسول الله صلّى الله عليه وسلم..
وتأول من أوجب قتل المسلم بالكافر ما روي أنه عليه السلام قال:
«ألا لا يقتل مؤمن بكافر» «٢» على أنه ذكره في خطبته يوم فتح مكة، وقد كان رجل من خزاعة قتل رجلا من هذيل بذحل الجاهلية، فقال عليه السلام: «ألا إن كل دم كان في الجاهلية فهو موضوع تحت قدمي هاتين، لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده» «٣»، فكان ذلك تفسيرا لقوله عليه السلام: «كل دم كان في الجاهلية تحت قدمي هاتين».
لأنه مذكور في خطاب واحد في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
وذكر أهل المغازي أن عقد الذمة على الجزية كان بعد فتح مكة، وأنه كان قبل ذلك بين النبي صلّى الله عليه وسلم والمشركين عهود إلى مدد، على أنهم داخلون في ذمة الإسلام وحكمه، وكان قوله يوم فتح مكة: «لا يقتل مؤمن بكافر» منصرف إلى المعاهد إذ لم يكن هناك ذمي ينصرف الكلام إليه..
(٢) البخاري بنحوه (باب كتابة العلم)، وباب لا يقتل المسلم بالكافر من كتاب الديات، ورواه أحمد والترمذي وابن ماجة رقم ٢٦٦٠ ولفظه: لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد بعهده، وأبو داود باب أيقاد المسلم بالكافر؟
(٣) رواه أبو داود وابن ماجة وله طرق حسنة.