الإختصاص بزمان التحلل، وزمان التحلل هو يوم النحر، وهذا على أصل أبي حنيفة لازم، أما الشافعي فإنه يعتبر معنى الحاجة في جواز ترك الزمان والمكان جميعا، نظرا إلى معنى الرخصة.
ولما قال تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)، ظهر منه أنه إذا بلغ الهدي محله جاز الحلق، وليس فيه دليل على وجوبه، بل يجوز أن يكون استباحة المحظور الذي كان، وهو مذهب أبي حنيفة ومحمد.
وأبو يوسف يوجبه في رواية.
والذي لا يوجب الحلق يقول: إنه لما سقط عنه سائر المناسك التي لم يتعذر فعلها، مثل الوقوف بالمزدلفة، ورمي الجمار، ولم يمكنه الوصول إلى البيت، ولا الوقوف بعرفة، فلا يلزمه الوقوف بالمزدلفة، ولا رمي الجمار مع إمكانهما، لأنهما مرتبان على مناسك تتقدمهما، كذلك الحلق مرتب على أفعال أخر، لم يكن فعله قبلها نسكا.
وحجة أبي يوسف أنه صلى الله عليه وسلم: أمر بالحلق وترحم على المحلقين ثلاثا.
ويجاب عنه بأنه أمر وأعاد القول، لأنه أراد أن يتحللوا ويرجعوا وما كانوا يفعلون، لأنهم كانوا ينتظرون نزول القضاء، بأمر يمكنهم به الوصول إلى العمرة، ثم إن النبي صلّى الله عليه وسلم بدأ فنحر هديه وحلق رأسه، فلما رأوه كذلك، حلق بعضهم وقصر بعضهم، فدعا للمحلقين ثلاثا لمبالغتهم في متابعة رسول الله، ومسارعتهم إلى أمره..
ولما قيل له: يا رسول الله، دعوت للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة؟


الصفحة التالية
Icon