ولو كان في يد الغاصب مال غيره وسعك أن تبيعه، ويقتله إن لم يقف، وكذلك في السارق إذا أخذ المتاع فيجوز ابتياعه، والسارق الذي ينقب البيوت كمثل، حتى قال العلماء: لو فرضنا قوما من أصحاب المكوس والضرائب والأموال الذين في أيديهم أموال الناس، وهم ممتنعون من إيصالها إلى الملاك، ولا ينفعهم الردع بالكلام والملام والتخويف بالله، فيجوز قتلهم من غير إنذار، لأنهم لا يقبلون ذلك من أحد لقوله تعالى:
(لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ) يعني: لم يقبل منكم ولا يقدر على منعه من الظلم، فعليك نفسك.
وقال تعالى في ذكر أصحاب السبت «١».
(أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا) «٢».
فدل ذلك على أن من لم ينه عن الظلم، جعل راضيا به حتى وجب تعذيبه، وقد نسب قتل الأنبياء المتقدمين، إلى من كان في عصر النبي صلّى الله عليه وسلم من اليهود، الذين كانوا موالين لأسلافهم القاتلين لأنبيائهم.
وبنى الشافعي عليه: أن فعل الفاعل، إذا كان في نفسه قبيحا ومفسدة فيجوز دفع الفاعل عنه لما يأتي على نفسه، ولا ضمان على قاتله، مثل أن يصول مجنون أو بهيمة على مال لرجل أو نفسه، فيجوز للمصول عليه ولغيره قتله، ولا ضمان عليه، وهو من قبيل النهي عن المنكر، وليس معنى النهي تكليف الفعل، ولكنه دفع الفاعل عن الفعل القبيح والظلم والتشنيع.
(٢) الآية: ١٦٥ من سورة الأعراف.