غيرها، فليس من ضرورة تعلقها بغيرها، أو من ضرورة وجوب غيرها حقيقة مثل أخذ جزء من الرأس في استيعاب الوجه، فإنه لا بد منه للاستيعاب حقيقة، وأما العضو، فإنه شرط شرعا، وإذا صار شرطا صار شرط وجوبه بالشرع. ومتى كان وجوبه بالشرع، لم يخرج عن كونه واجبا.
وأما الذي ذكروه إنه لم يجب، ولكنه تحرم الصلاة مع الحدث، فيقال: ولا معنى للحدث إلا امتناع أفعال يتوقف وجودها على وجود شرطها، فهذا معنى الحدث لا غير.
وقوله إنه لو أراد دخول مسجد أو قراءة قرآن وجب الغسل، لا لأن قراءة القرآن واجبة.
فيقال بل الأمر كما ذكرتم في أن القراءة لا تجب، ولكن للنوافل شروط يجب فعلها إذا أراد فعل النوافل، فإن من أراد مباشرة أمر، وجب عليه مباشرة شروطه، إلا أن الشروط في ذواتها غير واجبة.
فأما إذا كانت الطهارة قد تقدمت، فذلك لأن الشيء الواحد يكون شرطا في أشياء كثيرة، كما أن من الأشياء ما يكون شرطا في شيء واحد فليس في ذلك ما ينافي الحقيقة التي قلناها.
وأما قولهم: إن الفعل لا يشترط، فاعلم أنه إن ثبت عدم الفعل الذي يتعلق به القصد من كل وجه، فلا وجه لجواز الوضوء، ولا نصر للشافعي فيه.
قالوا: فإذا غسل غيره وجهه مع قدرته على الغسل، فأي فعل منه هاهنا؟
قلنا: بلى، وهو أن إذنه له أن يوضيه، فعل منه يجوز أن يتعلق التكليف به والامتحان، كما قيل في الذي يقول للمسكين: خذ مالي هذا


الصفحة التالية
Icon