المسح، فوجوب غسل الرجل حاصل في حق كثير من المسميات، فصح معنى التخصص.
وهذا بيّن ظاهر، وإذا ثبت ذلك في أصل المسح على الخفين، والمسح موقوف فيما سوى المدة، وجب الرجوع إلى الأصل.
ويحتج على من جوز مسح العمامة، بإيجاب الله تعالى غسل الرجلين، فإن تخصيصه لا يجوز إلا بدليل.
نعم مسح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بناصيته وعمامته «١».
وفي بعض الروايات على جانب عمامته.
وفي بعضها: وضع يده على عمامته، فأخبر أنه بعد فعل المفروض من مسح الناصية مسح على العمامة، وذلك جائز عندنا.
إذا ثبت هذا فظاهر قوله تعالى: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) يقتضي الإجزاء فرق أو جمع ووالى، على ما هو الصحيح من مذهب الشافعي، وهو مذهب الأكثرين من العلماء، فاعتبار الموالاة يقتضي من دليل زائد، وليس في الأمر ما يقتضي الفور، وترتيب بعض المأمور على البعض.
ويستدل بظاهر الآية على أن التسمية ليست شرطا.
وإذا ثبت أن الواو لا تقتضي الترتيب ولا الجمع فيما يتعلق بالزمان، فإذا قال القائل: رأيت زيدا وعمرا، لم يفهم منه أنه رآهما في زمان واحد، أو في زمانين مرتبين، وإذا ثبت ذلك، فالواو أجنبى عن اقتضاء «٢» هذا المعنى، وإنما هو لترتيب الأفعال بعضها على بعض.

(١) أخرجه الترمذي بسننه عن المغيرة بن شعبة.
(٢) ورد في نسخه ثانية: ترتيب.


الصفحة التالية
Icon