رتبته على رتبة الأركان، والعجز عن بعض الأركان لا يسقط القدر المقدور عليه، وكذلك ها هنا، فعلى هذا يصلي ولا يعيد.
والشافعي يقول: أما الذي ذكره المزني من أنه يصلي فصح، ولكنه يصلي مراعاة لحق الوقت مع العجز عن كماله، فإذا قدر على الكمال وجب الإتيان به.
وهذا القياس كان يقتضي مثله في ترك بعض الأركان في حق المريض، أو ترك الوضوء في حق المسافر، إلا أن تلك الأعذار عامة، ويكثر وقوعها، فتكليف القضاء يجر حرجا.
وقد استقصينا ذلك في مسائل الخلاف.
وقد احتج المزني بما روى في قلادة عائشة رضي الله عنها حين ضلت، وأن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذين ندبهم لطلب القلادة، صلوا بلا وضوء ولا تيمم «١».
والتيمم إذا لم يكن مشروعا فقد صلوا بلا طهارة أصلا، ومنه قال المزني لا إعادة، وهو نص في جواز الصلاة مع عدم الطهارة مطلقا عند تعذر الوصول إليها.
فإن قيل: جواز الصلاة كان لعدم الماء، من حيث لا بدل له كالتراب الذي لا بدل له الآن.
واختلف العلماء في جواز التيمم قبل وقت الصلاة، والشافعي لا يجوزه، فإنه لما قيل لنا: «فإن لم تجدوا ماء فتيمموا»، ظهر منه إجزاء التيمم بالحاجة، ولا حاجة قبل الوقت، وعلى هذا لا يصلي فرضين بتيمم واحد، والمسألتان استقصيناهما في علم الخلاف، وأصلهما كتاب الله تعالى، وهو تقييد التيمم بوقت الحاجة والضرورة وهذا بين.

(١) انظر تفسير القرطبي ج ٦ ص ١٠٥.


الصفحة التالية
Icon