العرب لا تزيد على ثلاثين، ومنها ما ينقص، والذي ينقص لا يتعين له شهر، وإنما تفاوتها في النقصان والتمام على حسب سير القمر في البروج، ثم قال تعالى: (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ).
ولا خلاف أن هذه الأربعة الحرم لها ضرب من الاختصاص، وأنها رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم.
وإذا خصها الله تعالى بأنها حرم، فلا بد أن يكون لهذا الاختصاص معنى، وليس يظهر ذلك المعنى في حكم سوى المقابلة، وقد نسخ ذلك، أو تحريم القتل، حتى إن الدية تتغلط بالأشهر الحرم، فهذا وجه التخصيص.
قوله تعالى: (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)، على قول ابن عباس هو راجع إلى الجميع، وعلى قول بعضهم هو راجع إلى الأشهر الحرم خاصة، ومن يخصص بالأربعة يقول لأنها إليها أقرب ولها مزية تعظيم الظلم.
قوله تعالى: (يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ).
فيه دليل على أن الله تعالى وضع هذه الشهور وسماها بأسمائها، على ما رتبها عليه يوم خلق السموات والأرض، وأنزل الله ذلك على أنبيائه في الكتب المنزلة، وهو معنى قوله تعالى.
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ «١» عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً).
وحكمها باق على ما كانت عليه، ثم نزلها عن مرتبتها تغير المشركين لأسمائها وتقديم المؤخر، وتأخير المقدم، في الإسم فيها، والمقصود من