ويجوز به استخراج جنس المحصنين من عموم اللفظ، مع أنهم شطر الزناة وأكبر، ومع أن المبالغة في الزجر في اقتضاء ذكر الرجم أولى منها باقتضاء ذكر الجلد، الذي لا يظهر له وقع، بالإضافة إلى الرجم «١».
قوله تعالى: (فَاجْلِدُوا).
قصد به بيان المبالغة في الزجر، وعقبه بقوله: (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)، الآية/ ٢.
فكيف ينتظم مع هذا أن يكون الرجم مشروعا في ذلك الوقت في حق الثيب، وهم كثر الناس أو شطرهم، ولا يتعرض له أصلا ولا يذكره؟
فلا بد أن يقال: إن في ذلك الوقت ما كان الرجم مشروعا، ثم شرع الله تعالى الرجم بعده، فصار ناسخا للجلد في حق الثيب، وليس يجوز إطلاق لفظ التخصيص في كل موضع، بل للكلام قرائن أحوال، يعلم بها مقصود المتكلم ضرورة، وهذا مما لا يمكن فيه إغفال الرجم وإرادة الجلد في حق الأبكار، فإنه يتضمن ما ذكرناه، فلا يجوز أن يقال: إن الرجم قد كان في حق المحصن، لكنه لم يذكر في هذه الآية.
واختلف الناس في العبد، هل يدخل فيه، وكذلك الأمة؟ والصحيح أنهم دخلوا فيه، ولكن خصصوا بقوله تعالى: (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) «٢».
(٢) سورة النساء آية ٢٥. [.....]