ويجوز أن يطلق قوله تعالى: (فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ)، الآية/ ٢. ولا يراد به العبيد والإماء، لأن المقصود به المبالغة في الزجر، وذلك يقتضي بيان الأكثر الأعظم من الزاجر.
واختلفوا في الذمي هل يدخل فيه؟ ومذهب مالك، أن الذميين لا يحدان إذا زنيا، والظاهر ينفي الفرق بين المسلم والكافر.
إذا ثبت هذا، فقد قال الله تعالى: (فَاجْلِدُوا)، وهذا عام، إلا أن العلماء اتفقوا على أن الإمام هو الذي يتولى ذلك في حق الرعايا، والسيد في حق مملوكه عند الشافعي، وإذا لم يكن إمام، فإن أفضى استيفاء الحدود من جهة صلحاء الناس إلى هرج وفتنة لم يجز، وإن لم يفض إليه جاز.
ثم لم يختلف السلف في أنه كان جلد الزانيين في ابتداء الإسلام ما قاله الله تعالى: (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ) «١»، (فَآذُوهُما) فكان حد المرأة بالحبس، والأذى بالتعيير، وكان حد الرجل، بالتعيير، ثم نسخ في غير المحصن بقوله: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا)، مع ما بينا فيه من الكلام، وفي المحصن الرجم، وكأن حديث عبادة بعد قوله تعالى:
(وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ) «٢». وقد قال عليه الصلاة والسلام: «خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا». وبين النبي عليه الصلاة والسلام بحديث عبادة المراد بالسبيل.
إذا ثبت هذا، فقد اختلف العلماء في المحصن وغير المحصن كما

(١) سورة النساء آية ١٥
(٢) سورة النساء آية ١٥


الصفحة التالية
Icon