وهو يدل على أن كل مجتهد مصيب، وإن كان الاجتهاد يبعد في مثله مع وجود الرسول عليه الصلاة والسلام بين أظهرهم.
ولا شك أنّ النبي عليه الصلاة والسلام رأى ذلك فسكت، فيؤخذ الحكم من تقريره فقط، ويجوز لنا إحراق زرعهم إذا لم يمكنا نقله، والمواشي تذبح وتحرق على هذا الوجه «١».
قوله تعالى: (وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ)، الآية/ ٦.
كانت لرسول الله عليه الصلاة والسلام خاصة، وكان ينفق على أهله نفقة سنة، وما بقي يجعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله، ولم يكن لأحد فيه حق إلا لمن جعله النبي عليه الصلاة والسلام.
ولما ذكر ما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، ذكر ما أوجف عليه المسلمون «٢».
فقال تعالى: (ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ)، الآية/ ٧.
وذلك يمنع تنزيها للغانمين، ثم نسخ ذلك بقوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) «٣».
ولما فتح عمر العراق، سأل قوم من الصحابة قسمتها بينهم، فقال:
إن قسمتها بينهم بقي آخر الناس لا شيء لهم، واحتج عليهم بهذه الآية
(٢) أنظر تفسير القرطبي سورة الحشر.
(٣) سورة الأنفال آية ٤١