ومن ذلك قوله تعالى: (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) «١» أي من قومه، فحذف «من».
ومنه قوله تعالى: (فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً) «٢» أي: بظلم وزور، فحذف الباء. وإن زعمت على أنه ليس على حذف الباء، وإنما هو من باب (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) «٣» لم يمكنك تقدير «زور» على لفظه، وإنما تقدره:
ظالمين مزورين، فتعدل أيضاً عما تلزمنيه. فقد ثبت أنه على تقدير: فقد جاءوا بظلم وزور.
ومنه قوله تعالى: (وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا) «٤» أي: من أن يقولوا، أي: يضيق صدرك من مقالتهم: (لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ) «٥».
ومن ذلك قوله تعالى: (عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ) «٦» أي: لأن كان ذا مال، فحذف اللام. وفيما يتعلق به هذا اللام اختلاف واضطراب: في قول أبي علي، مرة: هو متعلق بمحذوف ولم يعلقه بقوله (إِذا تُتْلى) «٧» ولا بقوله [ «قال» الذي هو جواب «إذا» ] «٨» قال: لأن ما بعد «إذا» لا يعمل فيما قبله.
وقال مرة: بقوله «عتل» وهذا كلامه على تفرقة.
قال في التذكرة «٩» : ومن لم يدخل همزة «١٠» الاستفهام كان «أن» متعلقاً ب «عتل» وذلك كأنه القليل الانقياد، وأنشد أبو زيد:
وعتل داويته من العتل | من قول ما قيل وقيل لم يقل |
(٢) الفرقان: ٤.
(٣) العاديات: ١.
(٤، ٥) هود: ١٢.
(٦) القلم: ١٣، ١٤.
(٧) القلم: ١٥.
(٨) كتاب كبير في علوم العربية.
(٩) في المخطوطة بياض بقدر كلمتين إشارة إلى كلام ساقط، والتكملة من الكشاف (٤: ٥٨٨).
(١٠) في المخطوطة: «مرة». ولعل الصواب ما أثبتناه.