وأبين من هذا قوله تعالى: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ) «١» والأعراب لا يكونون في الأكثر إلا متراخين عن البلدان.
فالمعنى: أن بورك من في قرب النار أو طلب النار ومن في بعدها، ومن حولها: الملائكة وغيرهم. والقريب منها موسى، لأنه أراد أن يحمل نارا إلى أهله ليصطلوا بها.
ومثله قوله تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ) «٢» أي: قربه ولم يتوغل فيه.
ومن ذلك: (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً) «٣» فمن فتح أراد: لأن كنتم.
والمعنى: أفنضرب عنكم ذكر الانتقام/ منكم والعقوبة لكم لأن كنتم قوماً مسرفين.
وهذا يقرب من قوله: (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) «٤» وانتصاب «صفحا» على المصدر، من باب: (صُنْعَ اللَّهِ) «٥»، و (كِتابَ اللَّهِ) «٦»، و (وَعَدَ اللَّهُ) «٧».
ومن ذلك قوله تعالى: (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ) «٨» أي: على أمركم.
ومن هذا الباب قوله: (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) «٩» والتقدير:
يسبحون بالليل. كقوله تعالى: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) «١٠».
(٢) القصص: ٢٣.
(٣) الزخرف: ٥.
(٤) القيامة: ٣٦.
(٥) النمل: ٨٨.
(٦) النساء: ٢٤.
(٧) النساء: ١٢٢، يونس: ٤.
(٨) يونس: ٧١.
(٩) الأنبياء: ٢٠.
(١٠) النور: ٣٦.