ومن ذلك/ قوله تعالى: (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) «١» قالوا: التقدير:
ليعلم أهل الكتاب ولا، زائدة. أجمعوا على هذا، غير ابن بحر «٢» فإنه زعم أن الأولى ألا يكون في كلام الله شذوذ وما يستغنى عنه. والذي يوجبه اللفظ على ظاهره أن يكون الضمير في (يَقْدِرُونَ) «٣» للنبي صلى الله عليه وآله والمؤمنين. والمعنى: لئلا يعلم اليهود والنصارى أن النبي صلى الله عليه وآله والمؤمنين لا يقدرون على ذلك، وإذا لم يعلموا أنهم لا يقدرون فقد علموا أنهم يقدرون عليه. أي إن آمنتم كما أمرتم آتاكم الله من فضله فعلم أهل الكتاب ذلك ولم يعلموا خلافه. والعلم في هذا ومثله يوضع موضع وقوع الفعل لأنه إنما يعلم الأشياء واقعة بعد وقوعها.
قال أبو سعيد السيرافي «٤» : إن لم تجعل «لا» زائدة جاز لأن قوله:
(يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) «٥» أي: يفعل بكم هذه الأشياء ليتبين جهل أهل الكتاب وأنهم لا يعلمون ما يؤتيكم الله من فضله، لا يقدرون على تغييره وإزالته عنكم. فعلى هذا لا يحتاج إلى زيادة «لا».
(٣) هو أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ المولود سنة ١٦٣ هـ- ٧٨٠ م- المتوفى سنة ٢٥٥ هـ- ٨٦٩ م- ومن كتبه «مسائل القرآن» ولعله هو الذي منه النقل هنا.
(٤) هو أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي النحوي. كان مولده سنة ٢٨٤ هـ- ٨٩٧ م- ووفاته سنة ٣٦٨ هـ- ٩٧٩ م.
(٥) الحديد: ٢٨، ٢٩.