وإذا كان كذلك دل أن ما دون النّصاب بين الشّريكين لا يحتسب فيه شىء بظاهر قوله: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ) «١».
ومن حذف المضاف قوله تعالى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) «٢» هو على حذف المضاف، كأنه قال: تيمموا استعمال صعيد. ولا يكون على الظاهر وغير حذف المضاف، لخلوّ اللفظ من الفائدة على هذا.
ألا ترى أن قوله (فَامْسَحُوا) «٣» يغنى عن ذلك. وهذا الحذف ينبغي أن يكون على تأويل أبي حنيفة، لأن أبا يوسف روى عنه فيما حكى الشيخ أنه قال: أمر الله في آية التيمم شيئين: تيمم، ومسح.
وفي قول زفر: لا يلزم أن يقدر هذا المضاف، لأن المراد كان عنده المسح، ولا ينبغي أن يكون المراد: تيمموا الصعيد: اقصدوه. لأن من الفقهاء من لم يذهب إليه لأن زفر كان المعنى عنده: امسحوا لأن زفر يقول: يصح التيمم بغير النية وأبو حنيفة يقول: لا يصح إلا بالنية لأن التيمم قصد، والقصد هو النية. وزفر يقيسه على الوضوء، فيصير في الآية تكرار، لأنه لا يقدر المضاف ولا يجعل التيمم النية.
ومن حذف المضاف قوله تعالى: (مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) «٤» أي من تأسيس أول يوم، لا بد من ذا، لأن «من» لا تدخل على «أوّل».
ومن ذلك قوله تعالى: (تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) «٥» يجوز أن يكون الجار والمجرور صفة للمصدر المحذوف، كأنه: تدور أعينهم دورا

(١) التوبة: ١٠٣.
(٢- ٣) النساء: ٤٣.
(٤) التوبة: ١٠٨.
(٥) الأحزاب: ١٩.


الصفحة التالية
Icon