كدور الذي يغشى عليه، أي: كدور عين الذي يغشى عليه من الموت، أي:
من حذر الموت، أو: من خوف الموت، أو: من مقارفة الموت.
ويجوز/ أن يكون حالاً من المضاف إليه «الأعين»، أي: تدور أعينهم مشبهين الذي يغشى عليه، لأن الذي يغشى عليه تدور عينه، فيكون الكاف على هذا حالا، وعلى القول الأول وصفا للمحذوف منه، وفي كلا الأمرين فيه ذكر من هو له.
ومن حذف المضاف قوله تعالى: (هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ) «١» أي: فى ملك ما ملكناكم تخافونهم، أي: تخافون تسويتهم في الملك، لأن سياقة الكلام عليه، ولا يكون المعنى على: تخافون مكايدتهم أو بأسهم، لأن ذلك غير مأمون منهم. فالمعنى: تخافون تسويتهم إياكم، فتقدير المصدر الإضافة إلى الفاعل، فقوله (كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) «٢» أي: كخيفتكم المساواة بينكم. فهو من باب (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ) «٣»، لأن التسوية بين الأحرار قائمة واقعة، أي: تخافون المماليك كما تخافون الأحرار.
والمراد بأنفسكم: الأحرار.
ومن ذلك قوله تعالى: (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) «٤»، أي ذا ثيابك فطهر، فحذف المضاف، فهذا كقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ) «٥» أي برأك مما رميت به.
ومن ذلك قوله تعالى (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ) «٦» أي صيد ما علمتم.
ومنه قوله تعالى (طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً) «٧» أي ذا يبس.

(١) الروم: ٢٨.
(٢) الروم: ٢٨.
(٣) البقرة: ١٩٤.
(٤) المدثر: ٤.
(٥) آل عمران: ٤٢.
(٦) المائدة: ٤.
(٧) طه: ٧٧.


الصفحة التالية
Icon