قال أبو سعيد «١» : دخول الفاء في هذا الموضع ونحوه يجري مجرى الفاء في جواب الشرط، وجواب الشرط قد يكون متأخراً في الكلام ومتقدماً في المعنى، كقول القائل: من يظهر منه الفعل المحكم فهو عالم به ومن يقتصد في نفقته فهو عاقل. ومعلوم أن العلم بالفعل المحكم قبل ظهوره، وعقل المقتصد قبل الاقتصاد [ممتنع] «٢». وإنما يقدر في ذلك: من يظهر منه الفعل فيحكم أنه عالم به.
وكذلك لو جعلناه «٣» جزاء فقلنا: زيد إن ظهر منه الفعل المحكم فهو عالم، فهو محكوم له بالعلم بعد ظهور ذلك.
وكذلك قوله تعالى: (فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً) «٤» لما أهلكها الله حكم بأن البأس جاءها بياتاً أو بالنهار. ونحو هذا في القرآن والكلام كثير. قال الله تعالى: (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ) «٥» والخطاب لليهود بعد قتل أسلافهم الأنبياء، على معنى: لم ترضون بذلك؟
وقال عز من قائل: (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) «٦» إلى قوله (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) «٧» الآية. ومعلوم أنه لا يشترط في الآخرة شروط الثواب والعقاب. وفي هذا جوابان، أحدهما: أن معنى (فَمَنْ يَعْمَلْ) أي: فمن يظهر ذلك اليوم فى صحيفته خير أو شر يرى مكافأته.
(٢) تكملة يقتضيها السياق. [.....]
(٣) في الأصل: «لو جعلته».
(٤) الأعراف: ٤.
(٥) البقرة: ٩١.
(٦) الزلزلة: ١.
(٧) الزلزلة: ١٧.