وقوله تعالى: (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) «١»، وقوله: (وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا) «٢».
فلو كان معنى «شهد» العلم خالياً من هذه المعاني، لكان المعنى:
وما علمنا إلا بما علمنا، ومن علم الحق لم يقل: بما علما إلا ما علمنا، وهو يعلم.
فإذا لم يسهل حمله على هذا، علم أن معناه ما ذكرنا.
و «شهد» في هذا الوجه يتعدى بحرف جر، فتارة يكون الباء والأخرى «على».
ومما يعدّى ب «على» قوله تعالى: (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا) «٣»، وقوله تعالى: (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ) «٤»، و (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ) «٥»، وَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ)
«٦».
ومن التعدي بالباء قوله تعالى: (وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا) «٧»، و (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ) «٨»، وقوله تعالى: (فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ) «٩».
فإذا نقل بالهمزة، زاد بالهمزة مفعول، كسائر الأفعال المتعدية إذا نقلت بالهمزة.
وقال عز من قائل: (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) «١٠».
فأما قوله: (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) «١١»، فمن الشهادة التي هي الحضور، كأنهم ونجوا على ما قالوا مما لم يحضروه/ مما حكمه أن يعلم بالمشاهدة.

(٨- ١) الزخرف: ٨٦.
(٢) يوسف: ٨١.
(٣) فصلت: ٢١.
(٤) فصلت: ٢٠.
(٥) النور: ٢٤.
(٦) الأنعام: ١٣٠.
(٧) يوسف: ٨١.
(٩) النور: ٦.
(١٠) الأعراف: ١٧٢.
(١١) الزخرف: ١٩.


الصفحة التالية
Icon