ومن ذلك قوله تعالى: (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى) «١».
أي: أخذ ربك القرى، إذا أخذ القرى، إن أخذه القرى أليم شديد، فحذف المفعولين في الموضعين.
ومن ذلك قوله تعالى: (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) «٢»، إذا جعلته من «الإحباب» الذي هو إرادة، فإن الحب في القياس كان ينبغي أن يكون الإحباب، ولكن المصدر حذف منه، كما حذف من: عمرك الله،
وكما حذف في قوله:... وإن يهلك فذلك كان قدري
أي: بقدري.
وكما قال: أبغضت قوماً، يريد: قياماً.
وأضاف المصدر إلى المفعول، وإن كان محذوفاً، كما نصب الاسم في «عمرك الله» وأضافه إلى المفعول، وإن كان محذوفاً منه، وكما قال:
وبعد عطائك المائة الرتاعا «٣» أي: «إعطائك»، واستغنى بإضافة المصدر إلى المفعول عن إعمال الفعل الذي هو «أحببت فيه».
لأن المفعول قد يحذف من الكلام، إذا قامت عليه دلالة في مواضع، ومن حمل «أحببت» على البروك، من قوله:
بعير السّوء إذ أحبا «٤»
فإن «حب الخير» ينبغي أن ينتصب على أنه مفعول له.

(١) هود: ١٠٢.
(٢) ص: ٣٢.
(٣) عجز بيت للقطامي، صدره:
أكفرا بعد رد الموت عني
(٤) جزء من بيت لأبي محمد الفقعسي، والبيت:
حلت عليه بالقفيل ضربا... ضرب بعير السوء إذ أحبا
القفيل: السوط. ومعنى الآية على هذا: لصقت بالأرض لحب الخيل حتى فاتتني الصلاة.


الصفحة التالية
Icon