ولعل فارس الصناعة «١» أراد هذا حين قال «فمن عفي له» أي: من يسر من قتل اخيه القاتل شيء فاتباع بالمعروف، أي، ليتبعه ولي المقتول، وليؤد إليه بإحسان، فلا يمطله، والأداء في تقدير فعل المفعول، أي فله: أن يؤدي إليه، يعني الميسر له، ولو قدر تقدير: أن يؤدي القاتل، جاز، والباء حال، ولم يكن من تمام الأداء ليعلق إلى «به».
فمقتضى ما قدمنا في قوله: (فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) «٢» قولان:
أحدهما: أنهما عائدان إلى القاتل والمقتول «اتباع بالمعروف» عائد إلى ولي المقتول أن يطالب بالدية بمعروف، والأداء بإحسان عائد إلى القاتل أن يؤدي الدية بإحسان.
والثاني: أنهما عائدان إلى القاتل، أن يؤدي الدية بمعروف وإحسان فالمعروف أن لا ينقصه والإحسان أن لا يؤخره.
ففى الآية ثلاث كنايات:
أحدها: الهاء في «له».
والثاني: الهاء في «أخيه».
والثالث: الهاء في «إليه».
فيقال الهاء في «له» وفي «أخيه» للقاتل الذي عفي له للقصاص،

(١) يعني: أبا علي الفارسي.
(٢) البقرة: ١٧٨.


الصفحة التالية
Icon