ومن ذلك قوله: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ) «١»، يجوز في «من» الرفع والنصب، على ما تقدم.
وقد قلنا في حذف المضاف: مذهب أبي علي في «من» أن التقدير:
ودخول من صلح من آبائهم وأزواجهم.
فأما قوله تعالى: (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) «٢». فقد قال أبو علي في «التذكرة» : قوله: «هو» مرتفع بالابتداء، وليس بمحمول على الضمير الذي في «استوى».
فإن قلت: فإن (استوى) يقتضي فاعلين، ألا ترى أنك تقول:
استوى زيد وعمرو، فإن هذا المفعول يكون على ضربين:
الأول- ما ذكرنا.
والثاني- أن تقتصر به على فاعل واحد كقوله: (عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) «٣» وإذا احتمل ذا لم يكن لمن زعم أن الضمير المرفوع يعطف عليه من غير أن يؤكد دلالة في هذه الآية لاحتمالها غير ما ذكر، وهو ما حملناه عليه.
وهذا القائل هو الفراء لأنه قال: المعنى: استوى النبي وجبريل عليهما السلام بالأفق الأعلى ليلة المعراج، حين أسري به صلى الله عليه وآله.
ومنه قوله تعالى: (أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا) «٤»، عطف «آباؤنا» على الضمير فى «كنّا» لمكان قوله: «ترابا».
(٢) النجم: ٦ و ٧.
(٣) طه: ٥.
(٤) النمل: ٦٧. [.....]