وأنهما كليهما موصول ل «أن»، فلا بد وأن نعد لك الآي التي وردت فيها المصادر وظاهرها فصل بينها وبين صلاتها بمنزلة «أن»، والحديث ذو شجون.
فمن ذلك قوله تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ) «١»، لا يجوز تعليق «على» بقوله «حجتنا» للفصل بين المصدر وما يتعلق به بالصفة.
قال أبو علي: وإن كان «حجتنا» بدلا ف «آتيناها» خبره، و «على» متعلق بمحذوف، كقوله: (إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ) «٢». وكذلك إن جعلت «حجتنا» خبراً، فإن جعلت «آتيناها» في موضع الحال على: حجة آتيناها، وإضمار «قد»، جاز أن يكون متعلقا، ب «الحجة» لأنه لها فصل.
قال عثمان: قلت لأبي علىّ في قول الله تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ) «٣» يكون «آتيناها» حالاً من «الحجة» إما على: قد آتينا، وإما: على: حجة آتيناها، وعادت مع هذا على قوله بنفس حجتنا، فمثل هذا ألا فصل بين الصلة والموصول بالأجنبي؟ فقال: الحال تشبه الظرف، وقد يجوز في الظرف ما لا يجوز في غيره، ولم يزد على هذا بعد المراجعة.
والفصل بين الموصول والصلة لا يجوز بالظرف ولا غيره، ألا ترى أنك لو قلت، أعجبني ضربك يوم الجمعة زيداً، فعلقت «يوم الجمعة» ب «أعجبنى» لا ب «الضرب» لم يجزه أحد، وإنما المتجوز بالفصل الفصل بالظرف ما كان بين الفعل وفاعله، نحو: كان فيك زيد راغباً، ونحو قوله:
فإن بحبها... أخاك مصاب القلب جم بلا بله «٤»

(١) الأنعام: ٨٣.
(٢) غافر: ١٠.
(٣) الأنعام: ٨٣.
(٤) جزء من بيت، والبيت كاملا:
فلا تلمحني فيها فإن بحبها... أخاك مصاب القلب جم بلا بله
(الكتاب ١: ٢٨٠). [.....]


الصفحة التالية
Icon