ونحن نقول: إنّ «أنتم» مبتدأ، و «هؤلاء» على وجهين:
أحدهما: ثم أنتم كهؤلاء.
وإن شئت: «هؤلاء» بمعنى الذين، أي: أنتم الذين تقتلون أنفسكم، كما قال عز من قائل: (أُولاءِ عَلى أَثَرِي) «١».
وأما قوله تعالى: (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا) «٢».
إن شئت كان «ربنا» من صلة قوله: «واغفر لنا»، أي: واغفر لنا ربنا، فتقف على «ربنا» وإن شئت ابتدأت، فقلت: (رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) «٣». فإنما قلنا: لا يكون «هؤلاء» على: يا هؤلاء، لأن «هؤلاء» يجوز أن يكون وصفا ل «أي»، فتقول: يا هؤلاء أقبل، كل ما يوصف به «أي» لا يحذف منه حرف النداء، ألا ترى أنه لا يجوز: رجل أقبل، لأنك تقول: يا أيها الرجل أقبل، وتقول: زيد أقبل، لأنك لا تقول:
أيها الزيد أقبل.
وأما قوله: (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ) «٤» فيمن خفف، فقد قيل: إن الهمزة بمعنى «يا»، والتقدير: يا من هو قانت، فأقيمت الهمزة مقام «يا».
قال أبو علي: المعنى: أمن هو قانت كمن هو بخلاف هذا الوصف؟
ولا وجه للنداء هاهنا، لأن الموضع موضع معادلة، فليس النداء مما يقع في هذا الموضع، إنما يقع في نحو هذا الموضع الجمل التي تكون أخباراً، وليس النداء كذلك.

(١) طه: ٨٤.
(٣- ٢) الممتحنة: ٥.
(٤) الزمر: ٩.


الصفحة التالية
Icon