وأما قوله تعالى: (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) «١»، التقدير: فمهما يكن من شيء فسلام لك من أصحاب اليمين إن كان من أصحاب اليمين، فقوله: «إن كان من أصحاب اليمين» مقدم في المعنى، لأنه لما حذف الفعل وكانت تلي الفاء «أما» قدم الشرط وفصل بين الفاء و «أما» به، وعلى هذا جميع ما جاء في التنزيل.
ومن ذلك قوله: (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) «٢».
روي عن حمزة الزيات أنه قال في التفسير: فكيف تتقون يوماً يجعل الولدان شيباً إن كفرتم.
قال أبو علي: أي: كيف تتقون عذابه أو جزاءه، ف «اليوم» على هذا اسم لا ظرف وكذلك: واتقوا يوماً يجعل الولدان شيباً، إن «اليوم» محمول على الاتقاء. «وقد قيل» : إنه على «إن كفرتم يوماً» فهذا تقديره: كفرتم بيوم، فحذف الحرف وأوصل الفعل. وليس بظرف، لأن الكفر لا يكون يومئذ، لارتفاع الشبه لما يشاهد.
وقال الله تعالى: (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ) «٣» إلى قوله: (لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا) «٤».
قيل: الاستثناء من قوله: (أَذاعُوا بِهِ) فهو في نية التقديم.
وقيل: هو من قوله: (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ) «٥»، و «لولا» وجوابه اعتراض وقيل: بل هو مما يليه ويعني به: زيد بن عمرو بن نفيل، يبعث وحده.

(١) الواقعة: ٩٠ و ٩١.
(٢) المزمل: ١٧.
(٥- ٤- ٣) النساء: ٨٣.


الصفحة التالية
Icon