وأما قوله: (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) «١»، و (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) «٢» فشدد، وكذلك: (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) «٣»، فشدد قوم، وأما من خفف فسهل سائغ، و «إن» على قراءته هي المخففة من الثقيلة المكسورة الهمزة المعلمة عمل الفعل، وهي إذا خففت لزمتها اللام لتفصلها من النافية وتخلصها منها، ولهذا المعنى جاءت هذه اللام، وقد تكون «ما» صلة.
فأما من ثقل فقال «لما»، قيل: إن «لما» بمنزلة: إلا.
قال سيبويه: وسألت الخليل عن قولهم: أقسمت عليك إلا فعلت، ولم فعلت؟ لم جاز هذا في هذا الموضع، وإنما «أقسمت» هاهنا، كقولك:
والله؟ فقال: وجه الكلام ب «لتفعلن» هاهنا، ولكنهم أجازوا هذا لأنهم شبهوه ب «نشدتك الله»، إذ كان فيه معنى الطلب.
قال أبو علي: ففي هذا إشارة من سيبويه إلى أنهم استعملوا «لما» حيث يستعملون فيه «إلا».
وقال قطرب: حكاه لنا الثقة، يعني كون «لما» بمعنى «إلا».
وحكى الفراء عن الكسائي أنه قال: لا أعرف جهة التثقيل.
وقال الفراء في قوله: (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) «٤» الوجه التخفيف، ومن ثقل إن شئت أردت: وإن كل لمن ما جميع، ثم حذفت إحدى الميمات لكثرتها، مثل قوله:
طفت علماء «٥» علة حاتم
(٢) الطارق: ٤.
(٣) الزخرف: ٣٥.
(٤) يس: ٣٢.
(٥) أي: على الماء فحذف الياء من «على» والهمزة من «الماء» وسيأتي كلام المؤلف على هذا (ص ٧٥٩).