والوجه الآخر من التثقيل أن تجعلوا «لما» بمنزلة «إلا» مع «إن» خاصة، فتكون في مذهبها.
وقال أبو عثمان المازني، فيما حكاه عنه أبو إسحاق: الأصل «لما» فثقل.
فهذا ما قيل في تثقيل «لما» من هذه الآي الثلاث، أعني قوله:
(وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ) «١»، وقوله: (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا)، «٢» وقوله: (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) «٣».
ويجوز أن يتأول على هذا الذي قيل من أن معنى «لما» ك «إلا» على أن يكون «إن» فيها هي النافية، لا يمتنع ذلك في شيء منها.
فأما قوله: (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) «٤»، فلا يجوز فيه هذا التأويل ولا يسوغ، ألا ترى أنك لو قلت: إن زيداً إلا لمنطلق، لم يكن لدخول إلا مساغ ولا مجاز.
فإن قال: أو ليس قد دخلت «إلا» بين المبتدأ وخبره في المعنى، فيما حكاه سيبويه من قولهم: ليس الطيب إلا المسك، و «إن» مثل «ليس» في دخولها على المبتدأ وخبره؟
قيل. إنه ذكر: أن قوماً يجرون «ليس» مجرى «ما»، كما أجروها مجراها، فقولهم: ليس الطيب إلا المسك، كقولهم: ما الطيب إلا المسك، ألا تراهم رفعوا المسك كما يرتفع خبر «ما» في نحو ذا، ولم يتأول سيبويه
(٢) الزخرف: ٣٥.
(٣) الطارق: ٤.
(٤) هود: ١١١.