إلا الإدغام، وكما لم يستثقل اجتماع الأمثال، لما كان التقدير بها الانفصال في هذه الأشياء، كذلك لا يستثقل في «لمن ما» اجتماع الأمثال.
وأيضاً فإذا لم يدغم مثل: «قوم موسى»، من أدغم مثل: «جعل لك»، لكراهية تحريك الساكن في المنفصل، فأن يكره الحذف أولى، لأن التغيير بنقل حركة ثابتة في الحرف أسهل من حذف حرف بكثير، ألا ترى إلى كثرة ما ينقلون من الحركات للإدغام في المتصل، وقلة حذف الحرف للإدغام في المتصل، فإذا امتنعوا من الكثير الذي أنس به في المتصل كان أن يمتنعوا من القليل الذي لم يأنسوا به في المنفصل أولى.
والآخر «١» : أن الحذف في هذا قياساً على «بخ» لا يجوز لما أعلمتك من قلته، وأنا لا نعلم له مثلاً فلا مساغ للحمل على هذا الضيق القليل، مع ما ذكرته لك من الفصل بين المنفصل والمتصل، وعلى أن «بخ» ليس لنا أن نقول إنه حذف، لاجتماع المثلين دون أن تجعله محذوفاً على حد بناء جاء على علته غيره من ذوات الثلاثة المحذوفة، لأنها كحذف «دد» ونحو ذلك، فقول الفراء في هذا فاسد في المعنى من حيث أريتك، وفي اللفظ لما ذكرته من امتناع حذف «من» قبل الإدغام وبعد الإدغام. وقول المازني أيضاً ليس بالجيد، لأن الحروف يخفف مضاعفها، ك «أن» و «ربّ»، ونحو ذلك، ولا ينقل إلى أنه أقرب إلى الصواب، لأن الدخل فيه من جهة اللفظ دون المعنى، فأما ما حكوه من كون «لما» / بمعنى «إلا» فمقبول، ويحتمل أن تكون الآي الثلاث عليه، كما أعلمتك، وتكون «إن» النافية.
قال: وقد رأينا نحن في ذلك قولاً لم أعلم أحداً تقدمنا فيه، وهو أن تكون «لما» هذه في قول من شدد في هذه الآي «لم» النافية دخلت

(١) هذا ثاني الوجهين.


الصفحة التالية
Icon